الأربعاء، 8 مايو 2013



المصدر : صحيفة الشرق الأوسط 

تقرير: الرحالة الليبي : انا ودراجتي والعالم

وصل الى العاصمة الصينية بكين مؤخرا الرحالة الليبي محمد مفتاح بحر الذي يجوب العالم على دراجته الهوائية حاملا رسالة المرأة والحب والسلام التي حلم بها ذات يوم وابى الا ان تصل الى العالم لتوحد ما بين قلوب البشرية جمعاء على اختلاف اجناسهم والوانهم في سعي مخلص منه الى توثيق وشائج المحبة والمودة بين مختلف شعوب العالم. 
ومحمد البالغ من العمر 53 عاما من مواليد طرابلس في ليبيا مهندس طيران ومهندس سفن, متزوج من مواطنة بريطانية مسلمة وله ستة اولاد.
عن بدايته يقول الرحالة الليبي في مقهى تونسي بالمنطقة الدبلوماسية في وسط بكين: "بدأ عشقي للرياضة مبكرا منذ انضمامي الى نادي السكة بطرابلس وعشقت رياضة ركوب الدراجات الهوائية وتزايد معي هذا العشق يوما بعد يوم الى ان راودني حلم بان أجوب العالم على دراجتي وتحول هذا الحلم الى فكرة ملحة ثم الى رغبة سيطرت على كل كياني تولد معها احساس عميق برسالة اود ان أؤديها تجاه ديني ووطني والبشرية عامة مضمونها الحب والسلام من ليبيا الى شعوب العالم واتمنى ان أسجل رقما عالميا بالتجوال حول العالم بدراجتي لأكون اول شخص يجوب العالم منفردا على دراجة هوائية ." الرحلة الحلم كما يقول الرحالة مكونة من اربع مراحل انجز منها حتى الان مرحلتين والثالثة لايزال بصددها بدأت المرحلة الاولى مرحلة الانطلاق والتي اطلق عليها " نعم للتحدي لا للحصار " من دار القذافي في ليبيا في الخامس عشر من ابريل عام 1999 واستمرت ستة اشهر قطع خلالها مسافة15872 كم وشملت دول حوض البحر الابيض المتوسط, وبالنسبة للمرحلة الثانية والتي دامت من عام 2000 الى نهاية عام 2003 فقد قطع فيها مسافة تقدر باكثر من 27000 كم وشملت بلدان القارة الافريقية, اما المرحلة الحالية فهي مرحلة القارة الآسيوية فقد بدأت من اليمن في الثاني من اكتوبر عام 2004 ومن المقرر ان تنتهي بنهاية عام 2007. ووصولا الى المرحلة الرابعة مرحلة الامريكيتين فمن المقرر ان يبدأها في نهاية 2008 وينهيها في عام 2012. 
وعن المرحلة الثالثة التي هو في صددها حاليا يقول: " بدأت بها من اليمن ثم دول الخليج العربي انطلاقا الى بقيةدول القارة الآسيوية من دول شبه القارة الهندية وباكستان واندونسيا وماليزيا والفلبين والتي كان يجب ان ابقى فيها شهرين لكني وقعت في مصيدة البرد وفرارا منه لذت بالصين في16 فبراير لذا بعد انتهاء البرد سأستأنف الرحلة الى الفلبين التي احببت وعي شعبها وثقافته ثم أغادرها الى قازاقستان وفي يونيو تقريبا اصل الى طاجيكستان ثم تركمانستان واوزبكستان وبقية دول اسيا الوسطى ثم الى روسيا وفنلندا واوروبا الشرقية, بولندا, بلغاريا, التشيك, رومانيا ... ثم الى تركيا فسوريا فالاردن فالسعودية التي اصل اليها مع نهاية عام 2007 لاقوم بتأدية العمرة واقفل بعدها عائدا الى ليبيا لابقى فيها حتى نهاية عام 2008 حيثستبدأ المرحلة الرابعة ." 
حوادث الاعتداء التي تعرض لها محمد بحر كثيرة وتمتد على طول خط الرحلة والطريق لم تكن مفروشة بالورد ولم تستقبل بالسلام الرجل الآتي اليها حاملا رسالة السلام فقطاع الطرق واللصوص كثيرون, يذكر محمد انهم سرقوا منه اربع كاميرات في اربع دول مختلفة وسرقات مادية اخرى وتعرضللاعتداء والضرب حوادث تشهد عليها اسنانه التي تكسرت وفقدها دفاعا عن نفسه لتبقى هذه الآثار شاهدا على الحدث. المعاناة شملت ايضا نقص الماء والطعام وتقلب الطقس فتارة برد قارس وتارة شمس لا ترحم لكنه يتحدث بايمان عميق عما يسميه العناية الالهية وعما يمكن ان نطلق عليه المعجزة. ففي رحلته المحفوفة بالمخاطر والاوبئة الى افريقيا لم يصببالعدوى رغم انه لم يتحصن بالامصال واللقاحات وفي الهند كذلك, يجري فحوصا كل ستة اشهر وتأتي النتيجة طيبة وطبيعيةوالاعجب من هذا هو ما يذكره محمد بقوله:" مكثت في ماليزيالصيام شهر رمضان وعاودتني آلام الكلى المبرحة وابلغني الطبيب ان الكليتين فيهما حصوات ومن الضروري اجراء عملية وفي اليوم المحدد للعملية انتابتني حالة من الرفض داخل غرفة العمليات وطلبت ان اخرج متحملا تبعات هذا القرار. 
اخبرني الطبيب حينها انه غير مسؤول عن حياتي وانني أخاطر وطلب مني التوقيع على اني أتحمل كل العواقب المترتبة عن رفض العملية. وقعت وخرجت من المستشفى والى الان لم تعاودني آلام الكلى مرة اخرى." 
في سبيل تحقيق حلمه بالتجوال حول العالم وايصال رسالة الحب والسلام باع محمد محلا تجاريا كان يمتلكه وسيارتين ومجوهرات تخص عائلته لتغطية التكاليف والتي بلغت 170 الف دينار ليبي من عام 1999 وحتى بداية 2004 ( الدولار =3.5 دينار) ثمن دراجته لوحدها4000 دولار امريكي. يذكر محمد "أتحمل نفقات الرحلة على حسابي احايين قليلة اجد بعضا من مساعدة لكنها لا تسد الرمق والتسهيلات محدودة وتكاد تكون معدومة لذا التمس من كل الحكومات تقديم التسهيلات الازمة لجميع الرحالة ممن هم على شاكلتي فهذا سيساهم في تخفيف العناء ." لدى وصوله الى مشارف المدينة يرتاح بجوار اول مكانتطأه قدماه , محطة بنزين, معبد, فندق, مطعم .. يفترش الارض ويلتحف السماء ويخلد للنوم , يحمل بين جوانبه قلق رب الاسرة التي لم يعد لها عائل الا زوجته التي تعمل في سلك التدريس وترعى العائلة في غيابه الا انه يحمل على كاهله عبئا اكبر لايصال رسالته ونشر الوعي حول مرض الايدز,الرسالة الاخرى التي كلفته بها الامم المتحدة والتي حملهامن اديس ابابا عام 2000.
ورغم العناء الذي يكابده محمد وحيدا الا انك تراه جلدا صبورا مبتسما فمن اين ياتي بهذه القوة ؟ انه التراب !تراب ليبيا الوطن الام فكل البلدان اوطان حسب رأي محمد - لماذا التراب ؟ يجيب محمد لأحمل وطني معي اينما ذهبت ولاستمد منه القوة والدافع يذكرني هذا التراب بليبيا التيلا تغيب عن بالي ". مصدر اخر يستمد منه محمد قوة احتماله واصراره العجيب انه صوت الابناء الذي يتردد في اعماقه " استمر, لا تتوقف, نحن فخورون بك ". واخيرا سمو الرسالة فالبشرية تستحق العناء والحب والسلام لبني الانسان امر يستحق العناء.
وهناك محطات مضيئة في الرحلة فقد حصل محمد على كنوز يعدها ثمينة كمفاتيح بعض المدن " مفتاح مدينة باتايا " وميداليات ذهبية لبلديات بعض المدن كأثينا ومدريد والشعارالمغربي الممنوح من السلطات المغربية كما التقى بعدد كبيرمن المسؤولين في عدد من البلدان.
وعن كيفية التعريف برحلته يقول محمد :" قمت بتأليف كتاب عن المرحلتين الاولى والثانية مكون من الف و600 صفحةيحمل اسم ( انا ودراجتي والعالم ) بدأت بترجمته الى اللغةالانجليزية ايضا وسيتم توزيعه بعد عودتي الى ليبيا نهاية عام 2007 وأتوقع ان يحدث ضجة كبرى بين اوساط القراء لانه اكثر من موسوعة ارتأيت ان اجعله كتابا شاهدا على العصر والاحداث والاشخاص والمدن اجبت فيه عن كل ما يمكن ان يخطرعلى البال من تساؤلات واشبعت مواضيعه شرحا وتحليلا مرفقا بالصور والدلائل حتى يشبع فضول القارئ ويفيد من سيأتي من بعدي ويحذو حذوي فيتجنب الصعاب التي واجهتها ".رسالة اخيرة ود محمد ان يقولها :" من هنا من الصينبلد الحضارة والسلام أتوجه بتحية اجلال وتقدير الى زعيم الثورة الليبية القائد معمر القذافي راجيا منه ان يمد لي يد العون لتصل رسالة ليبيا الى العالم , وأتوجه بدعوة الىالعرب لينسوا خلافاتهم ويتحدوا في مواجهة هذه الفترة العصيبة, وأتوجه بالشكر لكل من وقف الى جانبي وساندني علىامتداد خط الرحلات, ولشعب الصين العظيم من ليبيا تحية الحب والسلام ."
هكذا وحدت رسالته ما بين بني الانسان فكلنا سواء وكلنا اخوة وذوي قربة نعيش على نفس الكوكب ونستظل بالسماءذاتها وتشرق علينا شمس واحدة ونتنفس الهواء ذاته, تختلف ملامحنا واشكالنا لكن تتشابه قلوبنا وامالنا واهدافنا جميعنا في ظل الحروب والمعاناة والكوارث والظلم والارهاب نحلم بالحب والسلام , فكلنا محمد مفتاح بحر وكلنا للحب والسلام./شينخوا/ .

حرر بتاريخ 08 / 5 / 2013م .. 11:16 م . 
Categories:

0 التعليقات:

إرسال تعليق